أن تجد نفسك بين من حملوا أرواحهم على اكفهم وقدموها مهراً لأجل الأرض والعِرض، وترى بأم عينيك حجم الجراح التي اسخنت اجسادهم الطاهرة تحس حينها أن كل اوجاعك الخاصة مقدور عليها أمام هؤلاء الافذاذ. .
بالأمس قيض لي المولى عز وجل زيارة أبطال معركة الكرامة في معية حمائم الإنسانية في شركة مروج، ورغم مشاعر القلق والألم التي رافقتني بسبب مرافقتي لوالدي وابني في المستشفى، إلا أنني كنت مدفوعةً بشعورٍ من المسؤولية تجاه أولئك الأبطال الذين قدّموا أرواحهم فداءً لهذا الوطن.
كانت دعوة “مروج” للمساهمة في تقديم المساعدات الغذائية لجرحى ومصابي حرب الكرامة، بمثابة الفرصة التي لم أتمكن من تجاهلها، رغم معاناتي الخاصة.مقالات ذات صلة .
في قلب المستشفى، حيث كانت الأجواء تعكس أجواءً من الألم والأمل في الوقت ذاته، دخلت إلى غرفة المصابين، ليقفز إلى ذهني مشهد هؤلاء الجنود الذين قدّموا أنفسهم بكل شجاعة، وأصبحوا جرحى في معركة الكرامة.
كانوا أبطالًا وطنيين صامدين، يحملون على أجسادهم آثار حرب قاسية، وقلوبهم مليئةً بالإيمان بقضيتهم. وفي تلك اللحظة، أدركت أن الكلمات تعجز عن التعبير عن معاناتهم، لكنني شعرت في داخلي أن هذا الواجب أكبر من مجرد زيارة عابرة أو دعم مادي.المصابون الذين شاهدتهم كانوا متمسكين بقدر الله وصابرين وراكزين كالجبال،
ورغم الألم الذي يعتصرهم، إلا أن هناك شعورًا مشتركًا بينهم: الإيمان بالوطن. كان من المؤلم أن أرى آثار تلك الحرب، وأتأمل في حجم التضحيات التي قدموها. هؤلاء الجنود لم يقاتلوا من أجل مجد شخصي، بل من أجلنا جميعًا.
لم يقتصر جرحهم على أجسادهم فقط، بل كانت الأرواح التي غادرت هذا العالم في معركة الكرامة تظل تلاحقنا جميعاً،
ومع ذلك، كان شعور الشرف والكرامة يظهر في عيونهم، وكأنهم يتطلعون إلى المستقبل بعزيمة لا تلين، وكانت البشريات والانتصارات تصنع هالة من الضياء في المكان كله.أود أن أقول إن ما قدّمته شركة “مرووج” لم يكن مجرد دعم غذائي،
بل كان لفتة إنسانية تحمل في طياتها رسالةً قويةً عنوانها: نحن هنا، ولن ننسى هؤلاء الأبطال. نحن بحاجة إلى أن نتحد ونقف معهم لأنهم أوقفوا طوفان الظلم عن بلادنا وسحقوا هذه المليشيا الإرهابية المجرمة، ولولاهم لما كان لدينا وطن نستطيع أن نعيش فيه بكرامة. إن مصابي حرب الكرامة، وأسرهم، بحاجة إلى دعمنا المستمر وتقدير تضحياتهم،
فهم قدموا أرواحهم من أجلنا جميعاً، فشكرا لشركة مروج ولأبطال الكرامة ولأسرة مستشفى بوارث… وشكر خاص مني لمستشفي عثمان دقنة حيث يتلقى والدي وابني العلاج،
وكلمة حق ان ما شهدته هذه المستشفى من تطور يعتبر انجازاً يستحق التكريم وتجربة تستحق ان يُحتذي بها في كل مؤسساتنا الخدمية.