بقلم: الدكتورة لبابة الفضل عبدالحميد(باحثة في الشأن السياسي – أستاذة بجامعة الخرطوم)
*منذ استقلال السودان عام 1956، لم يمر عقد من الزمان دون انقلاب عسكري، أو ثورة شعبية، أو حرب أهلية، أو أزمة سياسية خانقة.
ومع تكرار الدورات السياسية الفاشلة، يبرز سؤال جوهري: *هل المشكلة في الشعب، أم في النخب التي تقود المشهد؟
**الإجابة الأقرب للواقع هي أن أزمة السودان هي أولاً أزمة نخب. نخب سياسية عاجزة عن صياغة مشروع وطني، مهووسة بالصراع على السلطة، وفاقدة للرؤية، والكفاءة، والقدرة على بناء دولة.
**نخب بلا مشروع**النخب السياسية السودانية، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، لم تستطع حتى اليوم التوافق على قواعد مشتركة للحكم. فكل تيار يعمل وفق أجندته، مستندًا إما إلى إرث طائفي، أو أيديولوجي، أو جهوي. لا مشروع اقتصادي مشترك، لا رؤية للدولة، ولا حتى اتفاق على معنى “المواطنة”
.**بل إن كثيرًا من هذه النخب تواطأ مع العسكر في لحظات مفصلية، وأجهضوا بإرادتهم تجارب التحول الديمقراطي، كما حدث بعد الثورة 2019.
**أسباب الفشل السياسي والحكومي .
**غياب المؤسسية:
الأحزاب تدار كبيوت أسرية لا مؤسسات سياسية.
**الفساد والمحاصصة: تقاسم الغنائم أولى من بناء مؤسسات الدولة.
**الإقصاء والاحتكارية: تم تجاهل أطراف السودان لعقود، مما أشعل الحروب وأنتج الكراهية.
**التدخلات الخارجية: ارتهان القرار الوطني للمحاور الإقليمية.
**تدوير الفشل: نفس الأسماء، نفس الخطاب، نفس النتائج.**نحو أفق جديد: ما العمل؟
**ما يحتاجه السودان ليس فقط انتخابات أو دستور، بل إعادة تعريف للنخبة السياسية نفسها. نحتاج إلى:-
**ميثاق وطني مدني غير إقصائي، يُبنى من القاعدة لا القمة.
**تمكين حقيقي للشباب والنساء من قيادة المشهد.
**تفكيك “مزارع الزعامة” داخل الأحزاب، وبناء تنظيمات ديمقراطية حديثة.
**مشروع وطني جامع يعيد تعريف الدولة على أسس: المواطنة، العدالة، والشفافية.
**السودان يستحق الأفضل**
لقد أثبت الشعب السوداني، في كل لحظة فارقة، أنه أكثر وعيًا ونضجًا من كثير من نخبه. لكن الشعوب لا يمكن أن تتحمل عبء التضحيات إلى الأبد دون نتائج.
إذا لم تعِ النخب السياسية السودانية هذه اللحظة التاريخية، فقد تفقد فرصتها للأبد في أن تكون جزءًا من مستقبل السودان.
**الخلاصة:-**السودان لا ينقصه الذهب، ولا العقول، ولا العزيمة. ما ينقصه هو نخبة تؤمن بأن الوطن أكبر من الحزب، وأن السلطة وسيلة لا غاية. إصلاح السياسة يبدأ بإصلاح من يمارسها.*